في إحدى المعارك الشرسة التي خاضها (عمران) تمت إصابته بطلق ناري استقر في قاع (الجمجمة) فتم إجلاؤه من ساحة المعركة بإحدى المروحيات إلى الخرطوم بين الحياة والموت.
بعد وصوله إلى الخرطوم ومعاينة الأطباء لحالته أوصى الأطباء بضرورة نقل (عمران) إلى (ألمانيا) حيث تتوفر هنالك أدوات الجراحة (الميكروسكوبية) اللازمة لاستخراج (المقذوف) الناري.
فور وصول الطائرة التي كان على متنها (عمران) تم أخذه مباشرة بواسطة عربة الإسعاف المجهزة إلى إحدى المستشفيات الألمانية المتخصصة في جراحة المخ والأعصاب حيث تم عمل الفحوصات اللازمة له على الفور وأخضع لعملية دقيقة تم فيها استخراج (المقذوف) وبعد انتهاء العملية تم استدعاء الشخص المرافق لعمران إلى حجرة الجراح حيث أخبره (الطبيب) الجراح الذي قام بإجراء العملية بأن (المقذوف) الذي كان مستقراً في قاع الجمجمة والذي تم استخراجه قد أتلف بعض الأنسجة الدقيقة بالمخ المسؤولة عن بعض الوظائف الحيوية مما سوف يجعل (عمران) معتمداً اعتماداً كلياً على الأجهزة المختلفة لتأدية تلك الوظائف وإن هذه الحالة تعرف بحالة (الموت الإكلينيكي) وأنها لا علاج لها إلا لمعجزة إلهية!!
دخل (عمران) إلى موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية كصاحب أطول حالة (موت إكلينيكي) إذ انه ظل لفترة قاربت السبعة عشر عاماً في (غيبوبة) كاملة يعيش بواسطة تلك الأجهزة المعقدة التي تقوم بتأدية الوظائف الأساسية حتى حدثت المعجزة.
في أحد (الصباحات) وبينما كانت (السستر) المكلفة بمتابعة الأجهزة الخاصة بعمران تقوم بعملها الروتيني في كتابة التقرير اليومي لاحظت بأن (عمران) يقوم بمحاولة (فتح) عينيه بصورة بطيئة فهرعت إلى الطبيب المناوب المسؤول الذي بعد أن قام بمعاينة (الحالة) قام بالاتصال بالطبيب المختص وفى أقل من دقائق معدودة كان يقف أمام (سرير) عمران (كونسولتو) من جميع التخصصات.
تم إجراء عدد من الفحوصات والأشعة المتنوعة التي أثبتت لدهشة الجميع بأن الجزء التالف في (المخ) قد بدأت (أنسجته) في النمو كحالة لم يسبق حدوثها أبداً وأن (عمران) قد بدأ يتماثل للشفاء.
بعد ثلاثة أشهر:
احتلت صورة (عمران) وقد تخلص من معظم (الأجهزة) التي كان يستخدمها معظم الصفحات الأولى للصحف والمجلات الألمانية والعالمية وتم الحجز له بإحدى رحلات (اللوفتهانزا) المغادرة (للخرطوم) يرافقه طاقم طبي (ألماني) حيث استقبلته أسرته - التي كانت تتابع تطورات الموقف- فرحة بنجاته وعودته إلى الحياة بعد كل هذه السنوات الذي قضاها في تلك (الغيبوبة).
ظل عمران نائماً يحيط به الطاقم الطبي المرافق وبعض من أفراد أسرته طيلة اليوم الذي وصل فيه إلى البلاد
وفجأة قام بفتح عينيه بصعوبة وتطلع إلى من حوله مركزاً على أفراد أسرته:
- أنا ليا كم يوم يا جماعة (غمران)؟؟
تفاجأ أفراد الأسرة والذين كانوا يحيطون بعمران حتى أفراد الطاقم الطبي الالمانى بهذا السؤال الذي لم يكن قد وضعوا له إجابة مدروسة (طبياً) مسبقاً ولكن وفى سرعة أشار أحد الأطباء إلى (حسان) شقيق (عمران) الذي كان يرافقه في رحلته والذي (أتقن الألمانية) أن يخبره بالواقع:
- والله يا (عمران) في الحقيقة إنت كنت في (غيبوبة) ليك ذى سبعطاشر سنة كده!!
- (في إندهاش) يعنى هسعدى (سنت) كم؟؟
- ده يا (عمران) شهر أغسطس سنت ألفين وستة
- قلتو سنة كم؟؟
وهنا فقد عمران وعيه الذي لم يعود إليه إلا بعد محاولات مضنية بذلها الطاقم الطبي (الألماني) المرافق الذي طالب أسرة (عمران) بعدم تعريضه لأي نوع من أنواع الإجهاد إلا أن (عمران) أصر على متابعة طرح أسئلته وطلب عودة جميع من كانوا بالغرفة إليها خاصة عمه ووالد زوجته في نفس الوقت (قاسم) الذي كان يحبه كثيراً..
- أها يا جماعة الحرب إنتهت يا عم قاسم؟؟
- الحمد لله انتهت
- والجماعة دخلوا (الإسلام)؟
- لا دخلوا (القصر)
- (في استغراب) احتلوهو؟؟
- لا ما احتلوهو.. هم جنحوا للسلم
- وبعدما جنحوا للسلم ما قاعدين تشيلوا منهم (الجزية)؟؟
- لا أديناهم جزء من (السلطة) وجزء كمان من (الثروة)
- الكلام ده كيف؟؟
- الجماعة ديل (أخواننا) والسودان ده بتاعنا كلنا وعندهم فيهو ذى ما عندنا.
- و(الشيخ) رأيو شنو؟؟ قبلان بالكلام ده؟؟
- الشيخ منو؟؟
- هو أنحنا عندنا (شيخ) غيرو؟؟
- الشيخ قال إنو (الحرب) دى ما كان في داعي ليها!!
- (في اندهاش) قال شنو؟؟
- يا (عمران) دى قصة طويلة وإنت مفروض ترتاح.. كدي خلى مسألة الحصل ده لامن تستريح شوية!!
- أستريح شنو؟؟ أنا (نص) عمري (ضاع) كمان النص التانى ما أعرف الحصل فيهو شنو؟؟
- خلاص (نتونس) معاك شوية وترتاح
- كدي قبل ما تتونسو معاي وروني (الشيخ) بطل يمشى (عرس الشهيد)؟
- يا عمران شيخ شنو هو ذاتو بقى شهيد
- (في ذهول) كيف يعنى مات؟؟
- يا (عمران) دى قصة طويلة خليها هسع لامن تتعافى
- لا يعنى عاوزين تقولو ليا هو هسع ما موجود وما (مهيمن) على (الشغلانيه)؟؟
- يا (عمران) شغلا نية شنو؟؟ و(مهيمن) شنو؟؟ هو ذاتو كان (مسجون)
- وين في (غوانتينامو)؟
- (نامو) شنو يا (عمران) إنت الكنت نائم
- يعنى شنو؟؟
- كان مسجون في كوبر يا (عمران)… في (كوووووبر)
- دى أنا عارفا.. مش أمشى رئيسا وأنا أمشى (حبيساً)
- حبيساً شنو يا (عمران) دى بعد داك بى كتير
- (في توسل) عليكم الله ورووني الحصل شنو؟؟
- يا (عمران) خليك هسع من الحصل ح نحكيهو ليك بعدين.. بس إنت أبقى طيب
- يا جماعة والله أنا كويس.. أحكوا ليا الحصل شنو
- الحصل يا (عمران) إنو (الشيخ) مشى السجن حبيساً (جد جد)
- يا جماعة أنا (الكضب كضب) عارفا ورووني (الجد جد) دى حصلت كيف؟؟؟
- (يا عمران) إنت طالع من (غيبوبة) وحالتك الصحية عاوزه ليها فترة عشان تستقر إنت أرتاح ونحنا (كلو) ح نحكيهو ليك..
تحت إلحاح (عمران) وبعد أخذ الإذن من (الفريق) الطبي تطوع (قاسم) عم عمران ونسيبه وقام بسرد (القصة) الكاملة (للمفاصلة) و(الانشقاق) وما جرى في (الرابع من رمضان) وأتبعها بسرد لاتفاقية السلام من (الداخل) ثم من (الخارج) وإيقاف (الحرب) وحلول السلام ولم ينس أن يحكى له فجيعة البلاد برحيل القائد (قرنق).
- لكن يا جماعة زمان لامن كنا بنحارب كان (الشيخ) بيقول لينا الحرب دى من أجل (العقيدة والوطن) ده هسع (الوطن) العقيدة وين؟؟
- يا (عمران) ما قالو ليك الشيخ (لحس) كلامو
- والله أنا ما بصدق الكلام ده؟؟
- يا(عمران ) إنت مؤتمر شعبي وإلا شنو؟؟
-(في استغراب) مؤتمر شعبي يعنى شنو؟؟
- والله يا عمران القصص دى طويلة وما بتنتهى حقو تستريح والأيام الجاية نحكيها ليك..
وتحت إلحاح (عمران) قام عمه (قاسم) بقص (الحكاية) له والتي ما إن سمعها حتى فقد وعيه الذي لم يعود إليه إلا بعد محاولات مضنية بذلها الطاقم الطبي الألماني المرافق الذي طالب أسرة (عمران) بعدم تعريضه لأي نوع من أنواع الإجهاد إلا أن (عمران) أصر مرة أخرى على متابعة طرح أسئلته وطلب عودة جميع من كانوا بالغرفة إليها.
- يا (عمران) ما معقول نحكى ليك سبعتا شر سنة في ساعتين.
- لا لازم توروني يعنى هسه البلد في سلام و مافى حرب؟؟
- والله يا (عمران) بعد (حرب) الجنوب وقفت قامت حرب في (الغرب) لكن (الحكومة) برضو عملت ليها (اتفاقية سلام) ووزعت (الثروة) و(السلطة).
- (في استغراب) يعنى ما فضل ألا (الشرق) و(الشمال).
- والله يا (عمران) الشرق هسه الحكومة قاعدة تتفاوض معاهو وإن شاء الله تتوصل لإتفاق (سلام) معاهو و(توزع) ليهو كمان شوية (ثروة) و معاها شوية (سلطة) والموضوع ينتهي.
- توزيع (السلطة) عرفناهو… شنو كل زول عاوز توزيع ثروة.. توزيع ثروة… هو أنحنا عندنا شنو؟؟
- (في اندهاش) هو أنا ما قلت ليك يا عمران؟؟
- قلت ليا شنو؟؟
- مش أنحنا طلعنا (البترول) وبقينا دولة (نفطية)!!!
- طلعنا شنو؟؟
- أيوه يا عمران طلعنا (البترول)
- بالجد بالجد
- ايوه يا عمران
وهنا لم يتمالك عمران نفسه من الفرح ففقد وعيه الذي لم يعود إليه إلا بعد محاولات مضنية بذلها الطاقم الطبي الألماني المرافق الذي طالب أسرة (عمران) بعدم تعريضه لأي نوع من أنواع الإجهاد إلا أن (عمران) أصر مرة أخرى على متابعة طرح أسئلته وطلب عودة جميع من كانوا بالغرفة إليها.
- يعنى هسع بقينا نصدر البترول زى (السعودية) وبلدان (الخليج) وكده؟
- أيوه يا عمران.. وأقول ليك كمان حاجة.. كل يوم والتاني يقولوا ليك في الجرايد ماشين يحتفلوا بافتتاح حقل جديد وآخر حاجة أمبارح افتتحوا ليهم حقل إسمو (ثار جاس)
- طيب لكن ليه الناس شكلها (تعبان) كده و(كالح) وعروق وشها (طالعه) طالما (الحرب) الكانت بتكلف (مليون دولار) في اليوم دى انتهت.. وكمان البترول طلع وبقى يتصدر؟؟
وقبل أن يجيب (عم قاسم) على سؤال عمران (الوجيه) هذا انطفأت أنوار الغرفة وعم الظلام وصاح الجميع بصوت واحد: (الكهرباء قطعت)
- هسع نعمل شنو؟؟ ما حضرنا لينا (جناريتر) - قالها عم قاسم في أسى -
- (يفتح أحد أفراد الفريق الطبي الألماني شنطة جلدية مربعة الشكل ويخرج جنريترا صغيراً) وهو يقول:
- ما فيش مشكله نحنا عارفين كهرباء بتقطع عندكم عشان كده عملنا حساب بتاعنا وجبنا معانا (جناريتر) من ألمانيا!!
- (عمران في استغراب) الكهرباء دى ما خليناها قبل سبعطاشر سنة بتقطع.. لي هسع وبعد (البترول) ما قلتو طلعوهو لسع برضو قاعدة تقطع؟؟
خاف (عم قاسم) إن شرح له الواقع وكيف أن سعر الكهرباء قد ازداد أثناء (غيبوبته) هذه أضعاف المرات وأن المواطن قد أصبح يدفع ثمن استهلاكه مقدماً وعلى الرغم من ذلك فإن (القطع) يحدث بصورة يومية وغير معلنة (خاف) عليه أن يدخل مجدداً في (غيبوبة) لذلك فقد حاول أن يغير دفة الحديث ليكون إيجابياً قائلاً:
- هسه إنت يا عمران عارف (خالد) ولدك ده.. وبتك (ثويبه) دى الخليتهم في الحضانة ديل قاعدين يقروا وين؟؟
- صحي والله ما سألتهم.. إنت يا (خالد) بتقرأ وين؟؟
- أنا يابوى أول ما نجحت وجبت 52% كنت محتار أدخل جامعة (المحيريبا) لعلوم الفضاء وإلا جامعة (المحيريبا) لعلوم الأحياء الدقيقة لأنو جامعات (المحيريبا) الإطناشر جو الأوائل في التصنيف الإقليمي الأخير بتاع (جامعات دول السافنا الغنية) قمت غايتو دخلت (هندسة مجرات) في المحيريبا لعلوم الفضاء!!
- وأختك دى بتقرأ شنو؟؟
- والله كانت امتحنت (أدبي) وجابت ليها 51% وقالت عاوزه تقرأ (فيزياء) أنا كان الرأي بتاعى أنها تدخل (هندسه حاسوب) لكن أمي أصرت ودخلتها (طب أسنان) وقالت ما مهم تدفع ليها كم مليون في السنة ومستقبلها ما يضيع وإن شاء الله بعد داك الناس دى (خشومهم) ما يفضل فيها (سن) واحد!!
وهنا قام (عم قاسم) بشرح الأمر (لعمران) وكيف أن البلاد قد شهدت طفرة وثورة تعليمية كبرى أنشأت فيها 4213 جامعة أتاحت لكل من (هب ودب) أن يدخل الكلية (العاجباهو).. وخوفاً من أن (يروح) عمران في غيبوبة مرة أخرى لم يشأ (عمه قاسم) أن يخبره بأن معظم هذه (الجامعات) هي في (الأصل) مدارس (ثانوية) تم فيها تعديل (المطبخ) ليصبح (معملاً) وتعديل (مكتب الوكيل) ليصبح (مكتبة) وأن هذه (الجامعات) تفرخ (خريجين) لا يعرفون (الألف) من (الواو الضكر) وحتى إن كانوا يعرفون فهم لا يجدون لهم فرصة عمل (واحدة)!!! وبينما كان (عم قاسم) سارحاً يستعرض حال (ثورة التعليم العالي) فاجأه صوت (عمران) وهو يقول له في ذهول:
- يا سلام يا عمى أهو دى ثمرة من ثمرات (المشروع الحضاري) القاتلنا من أجلو!!! يعنى إذا التعليم الجامعي بقى متاح لأي زول تبقى مجانية التعليم (الأساسي) إتطبقت خاصة بعد البترول والسلام وإلا مش كده؟؟؟
- خاف (عم قاسم) إن شرح له الواقع وكيف أن (الدولة) قد رفعت (يدها) عن (التعليم) وأن (التلميذ) عليه أن يقوم بدفع فاتورة كهرباء المدرسة وفاتورة (المياه) وإحضار (كرسيه) و(كتبه) و(كراساته) ثم بعد ذلك يجلس في فصل آيل للسقوط… (خاف) عليه أن يدخل مجدداً في (غيبوبة) لذلك فقد أوضح له أن (الدولة) قد جعلت (التعليم الأساسي) إجبارياً لكل من بلغ (السادسة) من عمره وأن جميع المدارس قد احتوت على جميع المناشط من أحواض سباحة وقاعات رياضية مغلقة و(معامل حاسوب) وإنترنت حتى أن أصغر (تلميذ) يقوم باستخدام بريده الإليكتروني الخاص به!!
- كده نقدر نقول (مشروعنا الحضاري) أتحقق والواحد بكره يمشى (يغير) للجرح ده في (المستشفى) وكمان يشوف (الثورة الصحية) عينك.. عينك - ثم مواصلاً - وألا ما كده يا عم قاسم؟
- قال (عم قاسم) مخاطباً نفسه: (يا جماعة دى مصيبة شنو؟؟ هسع لو (عمران) ده قلنا ليهو إنو الحاجات دى كلها (متردية) وإنو بعد ده كلو (المواطن) بدفع ليهو مية ألف جباية يعمل شنو؟؟) هسع الواحد يقول ليهو شنو؟ يقول ليهو إنو (الدولة) رفعت إيدها برضو من (العلاج).. يقول ليهو عشان يغيروا ليك الجرح بتاعك ده لازم تدفع قروش.. ولازم تمشى تشترى (الحقنة) و(الشاش) من بره وتجيب (أدويتك) بى طريقتك… وإنو (الفحص) بى قروش و(الأشعة) بى قروش والسرير ذاتو كان ما دفعت ما بترقد فيهو وإنو (العنابر) وسخانه وإنو (الأطباء) الموجودين كلهم (امتياز) أو (طلبة) قاعدين يتدربوا.. وإنو (الأخصائيين) قاعدين في عياداتهم وكشفهم وصل (مية ألف) جنيه!!!
- المستشفيات يا (عمران) آخر (نظافة) والعلاج متوفر وأحسن حاجة عملها (المشروع الحضاري) إنو ده كلو (بالمجان) والمواطن ما عليهو إلا (يمرض) والدولة بتتكفل (بالباقي)!!
- يا سلام يا جماعة والله (غيبوبتنا) الطويلة دى ما راحت (هدر) ساكت و(مشروعنا الحضاري) القاتلنا من أجلو ثمارو طلعت وبانت!!
حاول عم قاسم إدارة دفة الحوار إلى موضوع آخر حتى لا يصاب (عمران) بالإغماء مرة أخرى فقام بمخاطبته مبتسماً:
- تعرف يا عمران إنت جيت في جو جميل جداً.. الدنيا خريف والمطره… ولكن قبل أن يكمل حديثه قاطعه (عمران) قائلاً:
- طبعاً أكيد تكون ((البرك) و(الطين) و(الذباب والناموس) و(المستنقعات) الزمانك ديك انتهت و(الحكومة) أكيد تكون (ظبطت) ليكم الشوارع…. يعنى ح تودي (الزفت) بتاع (البترول) ده وين؟؟؟
هنا أسقط في يد (عم قاسم) الذي لم يكن يعلم بأن تغيير دفة الحديث لم يكن في مصلحته فقال في نفسه (عمران ده ما عارف حاجة ساكت… نحنا حياتنا كلها زفت.. الشئ الوحيد الما فيهو (زفت) شوارعنا!!
يقول ليا (بترول) ونحنا كان شفنا (البترول) لامن نشوف (الزفت) بتاعو؟؟؟ المطرة (الشكشاكه) بتاعت أمبارح دى شوف (العاصمة) بقت كيف… لم يقطع على (عم قاسم) سرحته تلك إلا صوت (عمران) وهو يخاطبه:
- قلت ليا يا عمى الشوارع بقت كيف؟
- عال العال يا عمران… كلها (اتزفتت).. والمطره لو نزلت الزول (يفتش) للمويه يا عمران ما يلقاها!!!
- نعمة والله من الله… الحمد لله رب العالمين… يا سلام يا جماعة ده الكلام والله (الثورة) وعدت فصدقت!!!
هنا طلب (الفريق الطبي) الألماني من (حسان) أن يقوم بإخراج أسرة (عمران) من الحجرة حتى يستريح قليلاً من هذه الأسئلة الطويلة التي قام بطرحها… وبينما كان (حسان) يقوم بتنفيذ إخلاء الغرفة طرق باب الغرفة طارق تبين أنه (الأسطى عوض) خال (عمران) والذي جاء (يتحمدل) السلامة لعمران وبعد أن قام بمعانقة عمران وشقيقه (حسان) بادرهما على الفور:
- والله أنا مفروض أكون عندكم من بدري لكن واقف للمواصلات ليا تلاتة ساعات
- (عمران في دهشة) ليه.. في شنو يا خالي عوض؟؟
- عشان الحافلات ما عاوزه تشتغل!!
- وما عاوزه تشتغل ليه؟؟
- عشان الحكومة أمبارح زادت (البنزين) و(الجازولين)
- (في دهشة واستغراب وذهول ) زادت شنو؟؟؟
- (البنزين) و(الجازولين)…. وكمان (السكر) يا عمران
هنا (إنحبس) الكلام في (حلق) عمران من هول ما سمع وكضم كضمة واحدة… هرع نحوه الفريق الطبي المرافق… أخلوا الغرفة من الجميع… قاموا بتدليك (القلب) ووضع جهاز (التنفس) وجميع الإسعافات الممكنة… وبعد دقائق خرج أحد أفراد الفريق الطبي (الألماني) من الغرفة… مخاطباً الجميع بلغة عربية مكسرة والأسى يبدو عليه:
- البركة فيكم يا جماعة… مشروع (هدارى) مات… مستر (أومران) مات!!!!!!