عدد المساهمات : 230 تاريخ التسجيل : 04/08/2009 العمر : 45 الموقع : الخرطوم
موضوع: الأسطورة - د. جميل قاسم الأحد 06 يونيو 2010, 6:11 pm
يعرف الشيخ عبد الله العلايلي الأسطورة (( من أسطور علي وزن أفعول وتعني الكلمة ما يسطر ويكتب)) بالخرافة الملفقة. والأولي بنظرة أن توضع الأسطورة بمعني ترهة. يقول العلايلي في معجمة الشهير ( المعجم) : قيل أن الكلمة دخيلة من اليونانية وقد سقط هذا الرأي. ومغزاها تفسير علاقة الإنسان بالكائنات، وتعليل الظواهر الطبيعية علي نحو سازج، وتجري الأسطورة دائما في زمن شبه تاريخي، وهي من ناحية حاضرة وفوق الزمان بوصفها موضوع معرفة الإنسان نفسه بنفسه.. (المعجم مادة :أسطورة) فهل الأسطورة هي الترهة أي الخرافة؟ ( ونحن نعلم من لسان العرب أن الترهة، وجمعها ترهات، هي الخزعبلات والأضاليل المخالفة للعقل والطبيعة والمنطق). و الأساطير هي الخرافات المتصلة بالآلهة وأنصاف الآلهة والأبطال الخرافيين عند شعب أو مجموعة ما. وكلمة الأسطورة لغوياً مشتقة من سطر أي الف الأساطير أو الأحاديث التي لا أصل لها – الأحاديث العجيبة الخرقة للعادة، ومثالها قوله تعالىوإنها لأساطير الأولين). الأسطورة المخيلة هي عبارة عن واقعة حكائية، درامية، رمزية تستخدم في الأدب وعلم النفس والفن التشكيلي أو المسرحي أو السينمائي. ههنا يتحول الخيال اللاواقعي، الوهمي، الي خيال ما واقعي (( أي سوريالي)) مبدع يقوم علي الإبتكار والطرافة والإبداع. وقد يرادف الأسطوري،سيرة نبي أو قديس، أو بطل ملحمي (النبي إبراهيم، هيرقل، عنترة) بغض النظر عن تاريخية أو لا تاريخية الشخصية الدرامية، وههنا ترادف الأسطورة السيرة الملحمية Legend. وحين تتحول الأسطورة الي حكاية أسطورية علي ألسنة الحيوانات تسمي (حياوية) كحكاية كليلة ودمنة لإبن المقفع، وحكاية لافونتين، ورواية جورج أوريل ( مزرعة الحيوانات) في العصور الحديثة. الأسطورة – إذن – هي حكاية عن كائنات تتجاوز تصور العقل الموضوعي، وما يميزها عن الخرافة هو الإعتقاد بها،ففي الأسطورة تتطابق القيمةالثقافية للموضوع مع حكم القيمة، أما الخرافة أو الترهة فهي أدعي الي الحكم الشائن. 0فحن نقبل كحكم قيمة مثلا ميثولوجيا العصا التي تصبح حية تسعي في قصة النبي موسى علية السلام، ولكننا نعد أسطورة (الغول) كحكاية خرافية لا أساس واقعياً لها. غير أن علاقة الأسطورة بالأدب، تكشف عن غني المخيلة البشرية، في تكوينية العلاقة بين الحقية والخيال، والحس الميتافيزيقي والحس الجمالي، ( كما هو الأمر في مؤلفات كبرى مثل ألف ليلة وليلة، و المهابهارتا، والألياذا، والأوديسة) في تعالي الأسطورة الي ذرى الأدب ومفارقة الأدب في خيالة الإبداعي ( الفنتازي) في محاولة التفلت من مادية الحياة، والذهاب من الطبيعة الي ما بعد وما فةق الطبيعة. وقد تمكنت السينما في العصور الحديثة من تحويل الحياة الي أسطورة خيالية معيشة، يقترن فيها الصوت والصورة، والأدب والحياة، والمقدس والمدنس،والحلم واليقظة.