قد لا يبدو هناك أي رابط بين مهند (كيفانش تاتليتوج) و الرئيس الراحل أنور السادات و قد يكون عقد أي مقارنة بينهما فيه ظلم كبير لرجولة الثاني و وسامة الأول ! و لكني سأغامر و أنتصر لمعاني الرجولة كما أفهمها .... منذ بضعة سنوات شاهدتُ لقاءا على إحدى القنوات الفضائية مع السيدة جيهان السادات و لا تزال بعض تفاصيل ذلك اللقاء عالقة في ذهني لشدة ما تأثرت بما قالته السيدة جيهان. ... جيهان السادات كانت تتحدث عن أنور السادات (الزوج) و عيناها تترقرق فيهما الدموع و يتوهج فيهما الحب الذي لا تزال توقظه ذكرياتها مع زوجها الرئيس....و عندما سألها المذيع عن سبب عدم زواجها بآخر بعد مقتل السادات, أجابت باستنكار: "وهل يوجد مَن يمكن أن يحل محل أنور؟" جيهان السادات كانت جميلة و صغيرة جدا عندما تزوجت أنور السادات الفلاح الفقير و الذي لا يتمتع بوسامة فتيان الشاشة في أي زمن من الأزمان و لكنها تحدّت أسرتها الأرستقراطية لأنها وجدت فيه (الرجل) الذي تريده أي امرأة (عاقلة)! . حياة جيهان و أنور لم تكن حافلة بالرومانسية و الورود, لكنها كانت حافلة بالصمود و الرباط الذي يتجاوز معنى الحب بكثير....كانت جيهان امرأة و أنثى رائعة لرجل عظيم و مشغول و مهموم....و بغض النظر عن مواقف السادات السياسية التي يتحفظ عليها كثيرون بعنف إلا أنه لا يوجد عاقل يستطيع أن ينكر رجولته و شخصيته الفذة....و كفاه رجولة و شرفا يوم 6 أكتوبر...
أما الممثل التركي مهند (حبيب قلوب آلاف الفتيات) فهو غني عن التعريف....و لكن الفرق بينه و بين أنور السادات يحتاج إلى توضيح.... مهند (بيك) خيال و أنور السادات واقع....مهند (عارض) أزياء و أنور السادات (قائد) أمة....مهند ورث المال و الجاه بدون جهد ليتفرغ لشراء الزهور و الجري وراء امرأة أقل من عادية....و أنور السادات بنى نفسه و صنع مجده من لاشيء و لم يجرِ وراء جيهان الفاتنة لأنه كان مشغولا بما هو أهم من فتاة مدللة تطلب المزيد من الرعاية , و مع هذا بقيت الجميلة جيهان تقدره و تحبه و تسانده رغم أنه لم يحمل لها نصف ما حمله مهند من زهور لنور!
ليس شراء الورود و ابتكار المفاجآت إلا جزءا سطحيا بسيطا من مفهوم الرومانسية....الرومانسية ليست بذخا و أموالا و هدايا و اعتذارات....الرومانسية مواقف تزهر في أصعب الظروف...الرومانسية تعني أن يحبك زوجك حتى و أنتِ في قميص قطني له رائحة حليب الأطفال! و ليست الرجولة وسامة و عيون زرقاء و ضحالة فكر, بل مسؤولية و ذكاء و حزم و قوة من غير ظلم....
بين الرجل التافه و الرجل القائد فروقا كبيرة ....و بين امرأة تختار الأول و أخرى تختار الثاني فروقا توضح تربيتها و شخصيتها و مدى عمق تفكيرها! هناك فرق بين الرجل (العارض) و (المستعرض) لوسامته و الذي تدور حياته حول أناقته و حبيبته و سيارته و بين الرجل الجاد القائد الذي تشغله قضية و يؤرقه مستقبل أمة! و لكني لا ألوم الفتيات على عشقهن لمهند و أمثاله, ففتيات هذا الجيل لم يعرفن مفهوم الرجولة الحقيقي لأن وسائل الإعلام اختارت تغييب نماذج الرجال النبلاء الذين عاشوا و ماتوا من أجل قضايا غيرت وجه الكون....
فأسفا على أمة كان مِن رجالها من كان و أصبح مهندا فارس (أحلام) نسائها !